الكلام على العِرافة والضرب في الرمل

 

هذا السؤال عن حكم الگزانه وهل الگزانون من العرافين، وهل صاحب ذلك آثم أم لا؟

أن ما يسميه الناس بلگزانه هي الضرب في الرمل، وقد سئل رسول الله (ص) عن الضرب في الرمل فذكر أن نبيا من أنبياء الله كان يخط فمن وافق خطه فذاك وإلا فلا خير فيه، وهي على قسمين، القسم الأول منها ما كان من التطلع على الغيبيات والجزم بها، فهذا قطعا حرام، ولم يفعله نبي من الأنبياء وهو يدخل في حيز العرافة والنوع

الثاني ما لم يكن كذلك وإنما كان من الاستدلال بالعلامات كما قال الله تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} كاستدلال الإنسان على نزول المطر برؤيته للنوء الرطب أو للبرق مثلا، أو استدلاله على نضج العنب أو التمر بنضج بعضه، فمثل هذا النوع هو من الأمور التي يرجع فيها إلى حكم العادة، وأهل العلم مختلفون فيها، فمنهم من رأى أن ذلك من التنجيم حتى لو نسب إلى الأسباب، ورأوا حرمته، ومنهم من رأوا أن ذلك ليس من التنجيم وأنه من نسبة المسببات إلى الأسباب وقد جاءت نسبة المسببات إلى الأسباب في عدد من النصوص الشرعية، وقد نظم الشيخ عبد القادر بن محمد بن محمد سالم رحمة الله عليهم أجمعين هذا الخلاف فقال:

 

*إذا كان ذو التنجيم بالله مؤمنا** ولم ينسب التأثير أصلا إلى النجم*

*وقال بجعل الله نجما علامة** على محدث لله فهو أخو جرم*

*وذو جرحة حتى يتوب ولم يجز** لذي شرعة تقليده عند ذي الفهم*

*عزاه ابن فرحون الإمام لأوحد** شهير بتحصيل المسائل والفهم*

*أبي دلف الدنيا الأغر ابن رشدهم** عن السيد المرضي سحنون ذي الفهم*

*وسوغ هذا المازري لقوله** عليه سلام الله في البدء والختم*

*إذا نشأت بحرية وهو ظاهر** وقد جاء فيه ما يدل لذا الحكم*

فالمازري يرى جواز ذلك ويستدل بالبلاغ الذي أخرجه مالك في الموطأ وهو من البلاغات الأربع التي لم يصلها أبو عمر في التمهيد وقد وصلها ابن الصلاح وهذا البلاغ فيه أن النبي (ص) قال: «إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة» إذا نشأت بحرية أي ظهر المزن من جهة البحر أي من الغرب بالنسبة للمدينة، ثم تشاءمت أي اتجهت إلى الشمال فتلك عين غديقة أي كثيرة الماء، يكثر المطر منها، ومطر المدينة أكثره يأتي من جهة الغرب وبالأخص إذا اتجه إلى جهة الشمال، فهذا حكم عادي وهو دليل على جواز الاعتماد على العلامات العادية في الأمور، وابن رشد روى عن سحنون منع ذلك لأنه جعله داخلا في حيز التنجيم الذي حرمه رسول الله (ص)، فلذلك إذا كان الگزان من الذين ينسبون التأثير للمخلوقات أو يتطلعون على المغيبات فهو عراف لا يحل تصديقه ولا إتيانه أصلا حتى لو لم يصدقه الإنسان ولا تقبل له صلاة أربعين يوما إذا أتاه، أو صدقه فيما يقول، وإذا كان ممن يستدلون فقط بالتوسم والعلامات ولا يجزم بذلك فإن لذلك أصلا فقد قال الله تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} وقال تعالى: {لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} والمتوسمون هم أصحاب البصائر الذين يميزون الأمور ويربطون بين المعلومات حتى يتوصلوا إلى بعض النتائج غير القطعية فيظنون فيها ظنونا قد تتأكد وقد لا تتأكد مثل المرائي فهي تسر ولا تغر.

 

 

آخر تحديث للموقع:  الثلاثاء, 10 سبتمبر 2024 14:57 

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

جديد الموقع

إحصائيات

المتصفحون الآن: 69 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow