فتوى الشيخ محمد الحسن الددو في مسألة صلاة الجمعة في فترة إغلاق المساجد ومنع الجمع والجماعات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد..

فإن الله سبحانه وتعالى فرض على المسلمين صلاة الجمعة، وقد فرضت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وصلاها المسلمون قبل الهجرة بالمدينة يؤمهم أبو أمامة أسعد بن زرارة ضي الله عنه بنقيع الخضمات بحرة بني بياضة بهزم النبيت تحت ظلال النخل

ومنذ ذلك الوقت والجمعة فريضة واجبة على المسلمين،

وقد أثبتها الله بعد ذلك في سورة الجمعة التي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وفيها قول الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيعَ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾ [الجمعة: ٩]

ومن قدر على أدائها لا تجزئ عنها الظهر، وهي واجبة على كل حر بالغ مقيم صحيح ذكر فلا تجب على النساء ولا على غير البالغين ولا على المسافرين أيضا ولا على المـ رضى الذين لا يستطيعون شهودها و قد أخرج الحاكم في المستدرك من حديث أبي سعيد الخدري و أخرجه مالك في الموطأ مرسلا: {الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة امرأة وعبدا وصبيا ومسافرا}، والمـريض كذلك معذور بالنص .

فإذا جاء مانع من استغلال المساجد ومن إقامتها فيها فيجوز للناس أن يصلوها في بيوتهم، ويجوز أن يصليها ثلاثة رجال فلا تجزئ بأقل من ذلك، وهذا المذهب هو أرجح المذاهب في هذا الأمر ودليله ما أخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم}.

قال الإمام عبد الحق الإشبيلي رحمه الله: هذا عام في الجمعة وفي غيرها لا مخصص له من الشرع.

وهو أرجح شيء في الأمر، فالذين يشترطون أربعين رجلا والذين يشترطون اثني عشر رجلا باقين مع الإمام لسلامها لا يسعفهم دليل قوي يمكن الركون إليه،

ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم قول فيه تحديد عدد للجماعة غير هذا الحديث، وهذا الحديث فيه ذكر الثلاثة وعلى هذا يمكن أن يصليها الرجل في بيته مع أهله إذا كان معه رجلان بالغان فيصلي الجمعة،

ولا يشترط لها المسجد الجامع على الراجح أيضا خلافا للمالكية، ودليله ما سبق ذكره أن أول جمعة جمعت في الإسلام كانت تحت ظلال النخل بنقيع الخضمات بحرة بني بياضة وقد صلاها أبو أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه بالمؤمنين في المدينة. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتخاذ مساجد في البيوت. فأهل كل بيت ينبغي أن يكون لهم مصلى يصلون فيه النوافل وإذا فاتتهم الفرائض صلوها فيه وإذا حصل لهم عذر أو مـ رض منهم أحد يصلي فيه وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو سنة معروفة في تاريخ الأمة كلها فلا حرج أن يصلي الإنسان في ذلك المصلى برجلين الجمعة في وقت انتشار هذا الوبــاء ومنع اجتماع الناس وإغلاق المساجد، ولا يحل ذلك في غير مثل هذه الحالات لأن هذا من أحكام الضرورة و إذا أمكن أن يصلي الإمام و المؤذن و ثالث معهما في المسجد و خطب الإمام بهم فلا مانع من نقلها عبر شبكة المسجد أو مذياعه أو مكبر الصوت ويصليها الناس عن بعد في بيوتهم أو في متاجرهم أو مكاتبهم فيسمعوا الخطبة عن طريق مكبر الصوت أو مذياع شبكة المسجد فإنها تجزئهم أيضا عند منعهم من الحضور ومنعهم من دخول المسجد لأنه إذا ضاق المسجد أجزأت الجمعة في الطرق المتصلة به وفي رحبته وفي أماكن يتسير لهم فيها أن يصلوا، وفي المسألة تفصيل يذكره الفقهاء فيذكرون أربع حالات:

- إذا ضاق المسجد واتصلت الصفوف فلا خلاف في صحتها وجوازها في الطرق والرحبة ومثل ذلك الدور القريبة من المسجد

- إذا اتسع المسجد ولم تتصل الصفوف فجمهورهم على منعها خلافا لرواية ابن شعبان في المذهب المالكي

- إذا اتسع المسجد واتصلت الصفوف فإنها تبطل خلافا لأشهب من المالكية

- إذا ضاق المسجد ولم تتصل الصفوف ففي المسألة خلاف على ثلاثة أقوال:

1- صحة الجمعة

2- بطلان الجمعة

3- صحة الجمعة مع الكراهة

وعموما يؤخذ من هذا أن الناس يمكن أن يصلوا في بيوتهم إذا منعوا من المساجد وأن يقتدوا بصوت الإمام إذا سمعوه سواء كان ذلك بمكبر الصوت أو بمذياع شبكة المسجد أو نحو ذلك و للأبعدين أن يسمعوا الخطبة وينتفعوا بها.

والله يكرمكم ويحفظكم ويرعاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

آخر تحديث للموقع:  الثلاثاء, 10 سبتمبر 2024 14:57 

اشترك في القناة

فقه الحج

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

جديد الموقع

إحصائيات

المتصفحون الآن: 187 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow